الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وَثَمَّ مَفْسَدَةٌ أُخْرَى فِي هَذِهِ الْإِشَاعَةِ وَهِيَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ وَالْكُفَّارَ يُذِيعُونَ فِيهَا مَا شَاءُوا مِنَ التُّهَمِ الْبَاطِلَةِ وَالْإِفْكِ الْمُفْتَرَى، كَزَعْمِهِمْ أَنَّهُ إِنَّمَا قَتَلَ مَنْ ظَهَرَ لَهُمْ مِنْهُ مَا دَلَّهُمْ عَلَى بُطْلَانِ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ صَدَّقُوهُ وَجَاهَدُوا مَعَهُ.عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ فِيهِمْ بَعْدَ وَصْفِهِمْ بِالْكُفْرِ بِالْقَوْلِ وَبِالْهَمِّ بِشَرِّ نَتَائِجِهِ مِنَ الْفِعْلِ {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (9: 74). الْآيَةَ، فَيُرَاجَعُ تَفْسِيرُ الْآيَةِ وَمَا قَبْلَهَا مِنَ الْأَمْرِ بِجِهَادِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي (ص473- 481 ج10 ط الْهَيْئَةِ).وَيْلِي هَذَا فِي السُّورَةِ خَبَرُ الَّذِي عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَاهُ مِنْ فَضْلِهِ لَيَصَّدَّقَنَّ (فِي الْآيَاتِ 75- 77) وَمَا رَوَوْا فِي سَبَبِ نُزُولِهَا خَاصَّةً وَأَنَّهُ شَخْصٌ يُقَالُ لَهُ ثَعْلَبَةُ، وَأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ فِيهِ الْآيَاتُ تَابَ وَأَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ مَالِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَنَّهُ هَلَكَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ. وَقَدْ بَيَّنَّا فِي تَفْسِيرِهَا أَنَّ فِي حَدِيثِ سَبَبِ نُزُولِهَا إِشْكَالَاتٍ فِي سَنَدِهِ وَفِي مَتْنِهِ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِأَصْلِ الشَّرِيعَةِ الْقَطْعِيِّ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ بِالظَّاهِرِ، فَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا بِمَا فَصَّلُوهُ بِهِ تَفْصِيلًا (رَاجِعْ تَفْسِيرَ ص481- 484 ج10 ط الْهَيْئَةِ).وَيَقْرُبُ مِنْهُ فِي الْمَعْنَى مَا رُوِيَ فِي الصِّحَاحِ مِنْ نُزُولِ قوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} (9: 84) وَأَنَّهُ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ زَعِيمِ الْمُنَافِقِينَ الْأَكْبَرِ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي تَفْسِيرِهَا مَا فِي الْحَدِيثِ مِنَ التَّعَارُضِ مَعَ الْقُرْآنِ فَرَاجِعْهُ (فِي ج10 تَفْسِيرٌ).وَمِنَ الْمُشْكَلِ فِي هَذَا الْبَابِ قِصَّةُ مَسْجِدِ الضِّرَارِ فِي الْآيَاتِ (107- 110) فَقَدْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى فِيهَا أَنَّهُمُ اتَّخَذُوهُ لِأَرْبَعَةِ أَغْرَاضٍ مِنْهَا الْكُفْرُ وَسَائِرُهَا أَقْبَحُ مَقَاصِدِ أَعْدَاءِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ. وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهَدْمِهِ فَهُدِمَ وَلَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِهِمْ، وَقَدْ شَهِدَ اللهُ بِكَذِبِهِمْ فِيمَا حَلَفُوا عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ نِيَّتِهِمْ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ بَنَوْهُ لِلْمَقَاصِدِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَاتِ كَانُوا كَمَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ مُنَافِقِي الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ أَتْبَاعِ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ الَّذِي وَعَدَهُمْ بِأَنْ يَتَوَسَّلَ بِنَصْرَانِيَّتِهِ إِلَى قَيْصَرِ الرُّومِ وَالشَّامِ فَيُرْسِلَ مَعَهُ جُنْدًا يَكْفِيهِمْ أَمْرَ الرَّسُولِ وَمَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنَّ صِدْقَهُمْ فِي ظَاهِرِ عَمَلِهِمْ وَمَا زَعَمُوهُ مِنْ حُسْنِ النِّيَّةِ فِيهِ- كَثِيرٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَشَارَكُوهُمْ وَصَلَّوْا مَعَهُمْ فِيهِ، وَكَانَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمْ مُتَعَذِّرًا، فَصَحَّ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْفَرِيقَيْنِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَخْفِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي مَكَّةَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (48: 25).وَالسَّبَبُ الْخَاصُّ لِعَدَمِ عِقَابِ أَصْحَابِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ عَلَى الْكُفْرِ الَّذِي أَثْبَتَهُ النَّصُّ الصَّرِيحُ- أَمْرَانِ:(أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْآيَاتِ فِي قِصَّتِهِمْ قَدْ بُدِئَتْ بِمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُهُمْ فِيهَا مَعْطُوفًا عَلَى الَّذِينَ أَرْجَأَ اللهُ الْبَتَّ فِي أَمْرِهِمْ وَجَعَلَ التَّوْبَةَ عَلَيْهِمْ مَرْجُوَّةً، وَهُوَ قوله تعالى: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} (9: 106) وَالثَّانِي خَتَمَ قِصَّتَهُمْ بِقوله تعالى: {لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (9: 110) فَيَظْهَرُ فِي مَعْنَى {تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمُ} احْتِمَالٌ هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي تَفْسِيرِهِ، وَهُوَ تَقَطُّعُهَا مِنَ الْأَسَفِ وَالْحُزْنِ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُمْ، وَوُقُوعُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ مُحْتَمَلٌ، وَإِذًا يَكُونُ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى تَوْبَتِهِمْ وَأَصْدَقِهَا، وَيَكْفِي الِاحْتِمَالُ لِمَنْعِ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ.وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ سِيَاسَةَ الْإِسْلَامِ فِي الْمُنَافِقِينَ أَنْ يُعَامَلُوا بِحَسَبِ ظَوَاهِرِهِمْ وَمَا يَبْدُو مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَأَنَّ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَوْ عَلَيْهِ- وَمِثْلُهُ نُوَّابُهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ- أَنْ يُعَرِّضَ فِي الْخُطَبِ الْعَامَّةِ وَالتَّصْرِيحَاتِ الرَّسْمِيَّةِ بِتَقْبِيحِ مَا يَعْلَمُ مِنْ سُوءِ أَعْمَالِهِمْ وَالْإِنْذَارِ بِسُوءِ عَوَاقِبِهَا لِيَعُدَّهُمْ لِلتَّوْبَةِ مِنْهَا، أَوِ الْحَذَرِ مِنْ إِظْهَارِ مَا يُضْمِرُونَهُ مِنَ الشَّرِّ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِقَابُ.وَتَتَضَمَّنُ هَذِهِ السِّيَاسَةُ الْأُصُولَ الْآتِيَةَ:الْأُصُولُ الثَّلَاثَةُ فِي حُرِّيَّةِ الدِّينِ، وَمُعَامَلَةِ الْمُنَافِقِينَ:1- إِنَّ حُرِّيَّةَ الِاعْتِقَادِ وَالْوِجْدَانِ مَرْعِيَّةٌ لَا سَيْطَرَةَ عَلَيْهَا لِلرُّؤَسَاءِ الْحَاكِمِينَ، وَلَا لِلْمُعَلِّمِينَ وَالْمُرْشِدِينَ، وَإِنَّمَا لِهَؤُلَاءِ حَقٌّ فِي التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَّهِمَ إِنْسَانًا بِإِضْمَارِ الْكُفْرِ وَلَا بِنِيَّةِ الْخِيَانَةِ لِمِلَّتِهِ أَوْ دَوْلَتِهِ، وَلَا بِإِرَادَةِ السُّوءِ لِقَوْمِهِ وَأُمَّتِهِ، وَلَا أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَى ذَلِكَ بِعِقَابٍ بَدَنِيٍّ وَلَا مَالِيٍّ، وَلَا بِحِرْمَانِهِ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي يَتَمَتَّعُ بِهَا غَيْرُهُ مِنْ أَفْرَادِ الْأُمَّةِ.2- إِنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ يُضْمِرُ الْكُفْرَ بِاللهِ أَوْ بِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ أَنْ يَكُونَ فِتْنَةً لِلنَّاسِ بِإِظْهَارِ ذَلِكَ لَهُمْ وَدَعْوَتِهِمْ إِلَيْهِ، أَوِ الطَّعْنِ فِي عَقَائِدِهِمْ، أَوْ إِظْهَارِ مَا يُنَافِيهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَعْوَةً وَلَا طَعْنًا، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَكَانَ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ يُحْكَمُ بِارْتِدَادِهِ وَخُرُوجِهِ مِنَ الْمِلَّةِ، إِنْ كَانَ مَا أَظْهَرَهُ مِنَ الْكُفْرِ صَرِيحًا قَطْعِيًّا مُجْمَعًا عَلَيْهِ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الشَّرْعِ مِنِ اسْتِتَابَتِهِ وَعِقَابِهِ إِنْ لَمْ يَتُبْ (وَمِنْهُ مَنْعُ التَّوَارُثِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفَسْخُ نِكَاحِهِ بِالْمُسْلِمَاتِ، وَعَدَمِ تَشْيِيعِ جِنَازَتِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ حُرِّيَّةَ كُلٍّ أَحَدٍ فِي اعْتِقَادِهِ تَقِفُ عِنْدَ حَدِّ حُرِّيَّةِ غَيْرِهِ. وَلاسيما احْتِرَامِ عَقَائِدَ الْمِلَّةِ الَّتِي يَعِيشُ فِي ظِلِّ شَرِيعَتِهَا، وَسَائِرِ شَعَائِرِهَا وَعِبَادَاتِهَا.وَلَيَعْلَمِ الْقَارِئُ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْفُقَهَاءِ قَدْ أَسْرَفُوا فِي أَبْوَابِ الرِّدَّةِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِالْكُفْرِ الْمُخْرِجِ مِنَ الْمِلَّةِ، وَبَنَوْا كَثِيرًا مِنْهُ عَلَى اللَّوَازِمِ الْبَعِيدَةِ، وَالْمُحْتَمِلَةِ لِلتَّأْوِيلَاتِ الْقَرِيبَةِ، وَمَا وَرَدَ فِي صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ: إِنَّ مَا كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نِفَاقًا لَا يُنَافِي ظَاهِرَ الْإِسْلَامِ هُوَ الْآنَ كُفْرٌ مَحْضٌ لَا تُقْبَلُ مَعَهُ دَعْوَى الْإِيمَانِ، فَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ، فَكِتَابُ اللهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم هُمَا الْحُجَّةُ فِي الدِّينِ، وَالِاهْتِدَاءُ بِهِمَا هُوَ الْوَاجِبُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، فَيَجِبُ قَبُولُ قَوْلِ كُلِّ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِمَا يُنَافِيهِ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، وَمِمَّا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ احْتِمَالًا ظَاهِرًا جَمِيعُ الْمَبَاحِثِ الْعِلْمِيَّةِ الْمُخَالِفَةِ لِظَوَاهِرِ النُّصُوصِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ.3- إِنَّ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ أَمَارَاتِ النِّفَاقِ الْعَمَلِيِّ فِي الدِّينِ، أَوِ الْخِيَانَةِ لِلْأُمَّةِ وَالْمِلَّةِ بِمَا هُوَ غَيْرُ صَرِيحٍ، مِمَّا لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ فِي الشَّرْعِ بِحَدٍّ وَلَا تَعْزِيرٍ، فَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَعِظَهُ بِالتَّعْرِيضِ، ثُمَّ بِالتَّصْرِيحِ وَالتَّكْشِيفِ، وَلَهُ أَنْ يُعَاقِبَهُ بِمَا يُرْجَى أَنْ يَزَعَهُ عَنْ غَيِّهِ مِنَ التَّأْدِيبِ، كَالْحِرْمَانِ مِنْ مَظَاهِرِ التَّشْرِيفِ، أَوِ الْإِزْوِرَارِ وَالتَّقْطِيبِ، أَوِ التَّأْدِيبِ وَالتَّعْنِيفِ، كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي تَفْسِيرِ: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} (9: 73) وَمِنْهُ حِرْمَانُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِينِ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مِنَ الْخُرُوجِ مَعَهُ إِلَى غَزْوَةٍ أُخْرَى بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا} (9: 83) الْآيَةَ.وَلَكِنَّ الْمُلُوكَ الْمُسْتَبِدِّينَ يُقَرِّبُونَ إِلَيْهِمُ الْمُنَافِقِينَ فَيَزِيدُونَهُمْ فَسَادًا، وَيُجَرِّئُونَ غَيْرَهُمْ بَلْ يُرَغِّبُونَهُ فِي النِّفَاقِ وَخِيَانَةِ الْأُمَّةِ جِهَارًا، حَتَّى إِنَّ الْمَنَاصِبَ الدِّينِيَّةَ الْمَحْضَةَ صَارَتْ تُنَالُ بِالنِّفَاقِ، وَيُذَادُ عَنْهَا أَهْلُ الصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ، وَإِلَى اللهِ الْمُشْتَكَى وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.انْتَهَى بَيَانُ مَا فَتَحَ اللهُ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ خُلَاصَةِ هَذِهِ السُّورَةِ وَكُتِبَ فِي أَوْقَاتٍ مُتَقَطِّعَةٍ فِي سَنَةٍ عَسِرَةٍ شَدِيدَةٍ.(وَتَمَّ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ 1350). اهـ.
|